دين الإسلام

تعرضه نصوص القرآن وسنة خير الأنام

6- تعاليم الإسلام وأخلاقه

أ- المأمورات

هذه بعض أخلاقيات الإسلام وآدابه التي يحرص على تأدب المجتمع المسلم بها نسردها بشكل موجز مختصر نحرص فيها على استنباط هذه الأخلاق، وتلك الآداب من مصادر الإسلام الرئيسية، كتاب الله (القرآن الكريم) وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أولاً: صدق الحديث

يُلزم الإسلام أتباعه المنتسبين إليه بصدق الحديث، ويجعله سمة لازمة لهم لا يجوز لهم بحال من الأحوال أن يتخلوا عنها، ويحذرهم أشد التحذير من الكذب وينفرهم عنه بأبلغ عبارة وأبين وصف قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة:119]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً))

والكذب ليس من صفات المؤمن بل هو من صفات المنافق 2)قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)) .

ولذا تتطبع الصحابة الكرام بصفة الصدق حتى قال أحدهم ما كنا نعرف الكذب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثانياً: أداء الأمانات والوفاء بالعهود والمواثيق والعدل بين النا:

قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل)[النساء:58]، وقال سبحانه: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً*وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [الإسراء:34 ،35] .

ومدح المؤمنين بقوله: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ)[الرعد:20] .

ثالثاً: التواضع وعدم التكبر:

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تواضعاً، يجلس بين أصحابه كواحد منهم ويكره أن يقوم له الناس إذا حضر ولقد كان صاحب الحاجة يأخذ بيده فينطلق به فلا يرده حتى يقضي حاجته، وقد أمر المسلمين بالتواضع فقال: (إن الله أوحى لي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد) 1).

رابعاً: الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير

قال الله تعالى: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)[البقرة:272]، وقد مدح الله المؤمنين بقوله: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً)[الإنسان:8]. والكرم والجود صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اقتدى به من المؤمنين، لا يبقى عنده شيء من مال إلا أنفقه في وجوه الخير. قال جابر رضي الله عنه -أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-: “ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، شيئاً قط فقال لا” وحث على إكرام الضيف فقال: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ.)2)

خامساً الصبر واحتمال الأذى:

قال الله تعالى: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[لقمان:17]، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين)[البقرة:153]وقال تعالى: (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل:96]، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم  من أعظم الناس صبراً واحتمالاً للأذى وعدم المجازاة بالسيئة؛ آذاه قومه وهو يدعوهم إلى الإسلام وضربوه حتى أدموه فيمسح الدم عن وجهه ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) 3)

سادساً: الحياء

المسلم عفيف حيي، والحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو دافع للمسلم إلى كل خلق فاضل، ويمنع صاحبه من البذاءة والفحش في القول والفعل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير)1)

سابعاً: بر الوالدين

بر الوالدين والإحسان إليهما وحسن التعامل معهما وخفض الجناح لهما من الواجبات الأساسية في دين الإسلام، ويزداد هذا الواجب تأكيداً كلما تقدم الوالدان في الكبر واحتاجا إلى ولدهما. وقد أمر الله تعالى ببرهما في كتابه وأكد على عظيم حقهما فقال سبحانه: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)[الإسراء:23، 24] .
وقال سبحانه: (وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[لقمان:14] .

وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحق الناس بحسن صحبتي قال: )أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أبوك)2)
ولذلك فالإسلام يوجب على المسلم طاعة والديه في جميع ما يأمران به إلا أن يكون معصية لله فعند ذلك لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق قال الله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)[لقمان:15]، كما يوجب عليه توقيرهما وخفض الجناح لهما وتكريمهما بالقول والفعل وبرهما بكل ما يستطيع من أنواع البر كإطعامهما وكسوتهما وعلاج مريضهما ودفع الأذى عنهما والدعاء والاستغفار لهما وإنفاذ وعدهما وإكرام صديقهما.

ثامناً: حسن الخلق مع الآخرين

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)3) 

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً))

ووصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم:4]. وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتتم مكارم الأخلاق)2) لذلك يجب على المسلم أن يكون حسن الخلق مع والديه باراً بهما كما أسلفنا حسن الخلق مع أولاده مربياً لهم تربية حسنة معلماً لهم تعاليم الإسلام مبعداً لهم عن كل ما يضرهم في الدنيا والآخرة منفقاً عليهم من ماله حتى يبلغوا سن الاعتماد على النفس والقدرة على الكسب، وكذلك فهو حسن الخلق مع زوجه وإخوانه وأخواته وأقاربه وجيرانه والناس أجمعين يحب لإخوانه ما يحب لنفسه. واصلاً لرحمه وجيرانه، يوقر كبيرهم ويرحم صغيرهم ويعود ويواسي منكوبهم عملاً بقوله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيل)[النساء:36]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره)

تاسعاً: الجهاد في سبيل الله تعالى لنصرة المظلوم وإحقاق الحق ونشر العدل

قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة:190] وقال سبحانه وتعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً)[النساء:75] . 

فهدف الجهاد الإسلامي إحقاق الحق، ونشر العدل بين الناس، وقتال الذين يظلمون العباد ويضطهدونهم ويمنعونهم من عبادة الله واعتناق دين الإسلام، وهو بالمقابل يرفض فكرة إجبار الناس بالقوة على الدخول في دين الإسلام قال الله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[البقرة:256] .

وخلال المعارك لا يجوز للمسلم قتل المرأة ولا الطفل الصغير ولا الشيخ المسن بل يقاتل المحاربين الظالمين.

ومن قُتل في سبيل الله تعالى فهو شهيد وله المنزلة والأجر والثواب عند الله تعالى قال الله تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)[آل عمران:169،170] .

عاشراً: الدعاء والذكر وتلاوة القرآن

كلما ازداد إيمان المؤمن ازداد ارتباطه بالله تعالى ودعاءه له وتضرعه بين يديه بقضاء حاجاته في الدنيا وغفران ذنوبه وسيئاته ورفع درجاته في الآخرة، والله كريم جواد يحب أن يسأله السائلون قال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)[البقرة:186] فالله يجيب الدعاء إذا كان خيراً للعبد، ويثيب العبد على هذا الدعاء.

وكذلك من صفات المؤمن كثرة ذكر الله تعالى ليلاً ونهاراً سراً وجهراً فيعظم الله تعالى بأنواع التعظيم والذكر مثل قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وغير ذلك من صيغ ذكر الله تعالى وقد رتب على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (سبق المفرِّدون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) 1). وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الأحزاب:41 ،42] . وقال سبحانه: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) [البقرة:152] . ومن الذكر تلاوة كتاب الله – القرآن الكريم – فكلما أكثر العبد من تلاوة القرآن وتدبره زادت منزلته عند الله. 

يقال لقارئ القرآن الكريم يوم القيامة: (اقرأْ وارتقِ ورتِّلْ كما كنت تُرتِّلُ في الدنيا فإنَّ منزلَك عند آخرِ آيةٍ تقرؤُها.))

الحادي عشر: تعلم العلم الشرعي وتعليمه للناس والدعوة إليه:

قال صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنةِ، و إنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ) ).

وقال صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه))وقال صلى الله عليه وسلم (إن الملائكة ليصلون على معالم الناس الخير)3) . وقال صلى الله عليه وسلم (من دعا إلى هدى كان له مثل أجر من عمل به لا ينقص من أجورهم شيئاً)4)

وقال سبحانه: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت:33] 

الثاني عشر: الرضى بحكم الله ورسوله

عدم الاعتراض على أمر شرعه الله، فالله سبحانه هو أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا يتأثر حكمه بأهواء العباد وأطماع المستبدين، ومن رحمته أن شرع لعباده ما في مصلحتهم في الدنيا والآخرة، وألا يكلفهم في ذلك ما لا يطيقون. ومن مقتضى العبودية له، التحاكم إلى ما شرعه الله في كل أمر مع تمام الرضى القلبي بذلك. 

قال الله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[النساء:65] . وقال سبحانه: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50] 

ب- المحرمات والمنهيات

أولاً: الشرك: (صرف أي نوع من أنواع العبودية لغير الله تعالى)

كمن يسجد لغير الله أو يدعو غير الله ويطلب منه قضاء حاجاته أو يذبح القرابين لغير الله أو يقدم أي نوع من أنواع العبودية لغير الله، سواء كان هذا المدعو حياً أو ميتاً أو قبراً أو صنماً أو حجراً أو شجراً أو ملكاً أو نبياً أو ولياً أو حيواناً أو غير ذلك كل هذا من الشرك الذي لا يغفره الله تعالى للعبد إلا أن يتوب ويدخل في الإسلام من جديد. 

قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً)[النساء:48] . فالمسلم لا يعبد إلا الله عز وجل ولا يدعو إلا الله ولا يخضع إلا لله قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الأنعام:162، 163]

ومن الشرك أيضاً: اعتقاد أن لله زوجة أو ولداً – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- أالوجود (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)[الأنبياء:22] . و اعتقاد أن هناك آلهة غير الله تتصرف في هذا

ثانياً: السحر، الكهانة، وادعاء علم الغيب:

السحر والكهانة كفر، ولا يكون الساحر ساحراً إلا بصلته بالشياطين، وعبادتهم من دون الله فلذلك لا يجوز للمسلم الذهاب إلى السحرة ولا يجوز له تصديقهم فيما يكذِّبون به من ادعائهم علم الغيب، وفيما يخبرون من الحوادث والأخبار التي يزعمون وقوعها في المستقبل. 

قال الله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)[النمل:65]، وقال سبحانه: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً*إِلَّا مَنِ ارْتَ ضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً)[الجـن:26، 27] 

ثالثاً: الظلم

والظلم باب واسع يدخل فيه كثير من أعمال السوء والصفات القبيحة التي تؤثر على الفرد، يدخل فيه ظلم الفرد لنفسه، وظلمه لمن حوله، وظلمه لمجتمعه، بل وظلمه لأعدائه، قال تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ) [المائدة: 8]، وقد أخبرنا الله تعالى بأنه لا يحب الظالمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) 1). وقال صلى الله عليه وسلم: (انْصُرْ أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنْصُرُهُ إذا كانَ مَظْلُومًا، أفَرَأَيْتَ إذا كانَ ظالِمًا كيفَ أنْصُرُهُ؟ قالَ:(تَحْجُزُهُ، أوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فإنَّ ذلكَ نَصْرُهُ.) 2)

رابعاً: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

وهي جريمة عظيمة في دين الإسلام توعد الله عليها بالعذاب الأليم ورتب عليها أقسى العقوبات في الدنيا وذلك بقتل القاتل إلا أن يعفو أولياء المقتول، قال الله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً)[المائدة:32]، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)[النساء:93]

خامساً: الاعتداء على الناس في أموالهم

سواءً بالسرقة أو الغصب أو الرشوة أو الاحتيال أو غير ذلك، قال الله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[المائدة:38] . وقال سبحانه: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)[البقرة:188]، وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)[النساء:10].

فالإسلام يحارب بقوة الاعتداء على أموال الآخرين، ويشدد في ذلك، ويرتب على المعتدي العقوبات الغليظة الزاجرة له ولأمثاله المخلين بنظام وأمن المجتمع.

سادساً: الغش والغدر والخيان:

في كافة المعاملات من بيع وشراء ومعاهدات وغير ذلك، وهي صفات ذميمة نهى الإسلام عنها وحذر منها.

قال الله تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين:1-5]. وقال صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا)1) . وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً)[النساء:107].

سابعاً: الاعتداء على الناس

في أعراضهم بالسب والشتم والغيبة والنميمة والحسد وسوء الظن والتجسس والسخرية وغير ذلك. يحرص الإسلام على إقامة مجتمع نظيف طاهر؛ تسوده المحبة والأخوة والوئام والتعاون ولذلك فهو يكافح وبشدة جميع الأمراض الاجتماعية المؤدية إلى تفكك المجتمع وبروز الشحناء والبغضاء والأنانية بين أفراده.

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) [الحجرات:11، 12]. 

كما أن الإسلام يحارب وبشدة التفرقة العنصرية والتمييز الطبقي بين أفراد المجتمع فالكل في نظره سواسية لا فضل لعربي على عجمي ولا أبيض على أسود إلا بما يحمله الواحد منهم في قلبه من دين وتقوى. يتنافس الجميع على حد سواء في الأعمال الصالحة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات:13]

ثامناً: لعب القمارالميسروشرب الخمر وتعاطي المخدرا:

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)[المائدة:90، 91]

تاسعاً: أكل لحم الميتة والدم ولحم الخنزي:

وجميع المتقذرات الضارة بالإنسان، وكذلك الذبائح المتقرب بها لغير الله تعالى قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[البقرة:172، 173]

عاشراً: مقارفة الزنا وعمل قوم لو:

الزنا عمل خبيث مفسد للأخلاق والمجتمعات ومسبب لاختلاط الأنساب وضياع الأسر وفقدان التربية الصحيحة، وأولاد الزنى يشعرون بمرارة الجريمة وكراهية المجتمع، قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)[الإسراء:32].

وهو سبب لانتشار الأمراض الجنسية المدمرة لكيان المجتمع؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما انتشرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأمراض التي لم تكن في أسلافهم)1) .

ولذلك أمر الإسلام بسد جميع المنافذ المؤدية إليه، فأمر المسلمين بغض أبصارهم لأن النظرة المحرمة هي بداية الطريق إلى الزنا، وأمر النساء بالستر والحجاب والعفاف، حتى يصان المجتمع من رذيلة الفواحش، وبالمقابل أمر بالزواج وحث عليه ورغب فيه بل ووعد بالأجر والمثوبة حتى على المتعة الجنسية التي يمارسها الزوجان وذلك كي تنشأ أسر كريمة عفيفة مؤهلة لتكون محاضن تربوية ناجحة لطفل اليوم ورجل الغد.

الحادي عشر: أكل الربا

الربا دمار للاقتصاد، واستغلال لحاجة المحتاج إلى المال، سواء كان تاجراً في تجارته أو كان فقيراً لحاجته. وهو إقراض المال إلى أجل معين مقابل زيادة معينة عند سداد المال، فالمرابي يستغل حاجة الفقير المحتاج إلى المال ويثقل ظهره بالديون المتراكمة الزائدة عن رأس المال. 

والمرابي يستغل حاجة التاجر أو الصانع أو المزارع أو غيرهم ممن يحركون الاقتصاد.

يستغل حاجتهم الماسة إلى السيولة النقدية فيفرض عليهم جزءاً زائداً من الأرباح فيما يقرضهم دون أن يكون شريكاً لهم فيما يتعرضون له من مخاطر الكساد والخسارة. 

وإذا خسر هذا التاجر تراكمت عليه الديون وسحقه هذا المرابي، بينما لو كانوا شركاء في الربح والخسارة، هذا بجهده وهذا بماله، كما أمر الإسلام، لدارت عجلة الاقتصاد بشكل مستمر في مصحلة الجميع.

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[البقرة:278، 279، 280].

الثاني عشر: الشح والبخل

وهو دليل على الأنانية وحب الذات، فيكنز هذا البخيل ماله ويرفض إخراج زكاته للفقراء والمساكين متنكراً لمجتمعه رافضاً لمبدأ التعاون والأخوة التي أمر الله ورسوله بها. قال الله تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[آل عمران:180] .

الثالث عشر: الكذب وشهادة الزور

وقد قدمنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)

ومن أنواع الكذب الممقوت ما يكون شهادة الزور وقد بالغ النبي صلى الله عليه وسلم  في التنفير منها والتحذير من عواقبها، فرفع بذلك صوته قائلاً لأصحابه: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور)1) فما زال يكررها تحذيراً للأمة أن تقع فيها.

الرابع عشر: الكبر والغرور والعجب والخيلاء:الكبر والغرور والخيلاء، صفات قبيحة مستهجنة مبغوضة في دين الإسلام وقد أخبرنا الله تعالى بأنه لا يحب المتكبرين، وقال عنهم في الدار الآخرة (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِين)[الزمر:60]، فالمتكبر المغرور المعجب بنفسه مبغوض من الله مبغوض من خلقه

About The Author