لماذا خلقنا الله؟
الإجابة على هذا السؤال الكبير في غاية الأهمية لكن من الضروري أن تستمد الإجابة من الوحي الالهي فالله هو الذي خلقنا وهو الذي يخبرنا عن الغاية التي من أجلها خلقنا قال جل شأنه: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.) [الذاريات: 56] فالعبودية هي الصفة الجامعة لمخلوقات الله التي لا يحصيها العد من أشرف المخلوقات (الملائكة) إلى غيرهم من أعاجيب خلق الله كل هذه الأمم مفطورة ومجبولة في تركيب حياتها على العبودية والتسبيح لله رب العالمين: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الاسراء: 44] والملائكة يلهمون التسبيح كما يلهم بني آدم النفس.
لكن عبودية الإنسان لخالقه إختيارية وليست إجبارية (إختيارية إختبارية): (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.) [التغابن: 2]
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ.) [الحج: 18]
فالله خلقنا لعبادته وليختبر نجاحنا في تحقيق هذه العبادة، فمن عبد الله وأحبه وخضع له وأطاع أوامره واجتنب نواهيه. نال رضا الله ورحمته ومحبته وجازاه الجزاء الحسن، ومن رفض عبادة الله الذي خلقه ورزقه، واستكبر عنها، ورفض الانقياد لأوامر الله واجتناب نواهيه فقد باء بغضب الله وسخطه وأليم عقابه. فالله جل وعلا لم يخلقنا عبثاً ولم يتركنا سدى، وإن من أجهل الناس وأحمق الناس من ظن أنه خرج إلى هذه الدنيا ووُهِب له السمع والبصر والعقل، ثم عاش في هذه الحياة فترة من الزمن ثم مات، ولا يدري لماذا جاء إلى هذه الدنيا، وإلى أين سيذهب بعدها، والله جل وعلا يقول: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون:115].
ولا يستوي عنده من كان منا يؤمن به ويتوكل عليه ويتحاكم إليه ويحبه ويخضع له ويتقرب إليه بالعبادات ويبحث عن ما يرضيه في كل موقع، ومن كان يكفر بالله الذي خلقه وصوره ويكذب بآياته ودينه ويرفض الخضوع لأمره.
فالأول ينال التكريم والثواب والمحبة والرضى والآخر يصيبه السخط والغضب والعقاب.
حيث يبعث الله الناس بعد موتهم من قبورهم ويجازي المحسن منهم بالنعيم والتكريم في جنات النعيم ويعاقب المسيء المستكبر الرافض لعبادة الله بالعذاب في دار الجحيم.
ولك أن تتخيل عظم التكريم والثواب للمحسن عندما يكون هذا الثواب والتكريم من الله الغني الكريم الذي لا حد لكرمه ورحمته ولا تنفذ خزائنه. إن هذا الثواب سيكون قمة في النعيم لا ينتهي ولا يزول (وهذا ما سنتحدث عنه لاحقاً).
وكذلك لك أن تتخيل شدة العقوبة وأليم العذاب للكافر، عندما تصدر من الله الجبار العظيم المتكبر الذي لا حد لجبروته وكبريائه.