دين الإسلام

تعرضه نصوص القرآن وسنة خير الأنام

كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)

القاعدة الأساسية لدين الإسلام هي كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) وبدون هذه القاعدة الصلبة لا يقام بناء الإسلام الشامخ، إنها أول كلمة يجب أن يتلفظ بها الداخل في دين الإسلام مؤمنا بها معتقداً لجميع معانيها ومدلولاتها. فما معنى لا إله إلا الله ؟ 

لا إله إلا الله تعنـــــي:

لا خالق للوجود إلا الله.

لا مالك ومتصرف في هذا الوجود إلا الله.

لا معبود يستحق العبودية إلا الله.

الله هو الذي خلق هذا الكون الفسيح الجميل البديع. هذه السماء بنجومها الهائلة، وكواكبها السيارة، تسير في نظام متقن، وحركة رائعة، ما يمسكهن إلا الله. وهذه الأرض بجبالها ووديانها وهضابها وأنهارها، بأشجارها وزروعها، بهوائها ومائها، ببرهاوبحرها، بليلها ونهارها، بمن سكن فيها ومن مشى عليها إنما خلقها الله وأوجدها من العدم. قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ*وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ

حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ*لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[يـس:38 -40]. 

(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ*تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ*وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ*وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ)[ق:7-10].
هذا خلق الله جل وعلا، جعل الأرض قراراً، وأودع فيها خاصية الجذب بمقدار يتناسب مع حاجة الحياة عليها، فلا يزيد فتصعب الحركة عليها، ولا يقل فتتطاير الأحياء منها، وكل شيء عنده بمقدار.

وأنزل من السماء ماءً طهوراً لا تقوم الحياة إلا به (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَي)[الأنبياء:30]، فأخرج به النبات والثمرات، وسقى به الأنعام والإنسان، وهيأ الأرض لتحتفظ به، فسلكه فيها ينابيع وأنهاراً.

وأنبت به حدائق ذات بهجة بأشجارها وأزهارها وورودها وجمالها الأخّاذ. الله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين. 

إن أول إنسان خلقه الله هو أبو البشر آدم عليه السلام، خلقه من طين، ثم سواه وصوره ونفخ فيه من روحه، ثم خلق منه زوجه. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين.

قال الله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ*ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ*ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[المؤمنون:12-14].

وقال سبحانه: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ*أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ*نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ*عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ)[الواقعة:58-61].

تأمل في خلق الله لك تجد عجباً من الأجهزة الدقيقة والأنظمة المحكمة التي لا تعرف عن عملياتها إلا القليل فضلاً عن أن تتحكم فيها، فهذا جهاز متكامل لهضم الطعام، يبدأ بالفم يقطِّع الطعام إلى قطع صغيره ليسهل هضمه ثم البلعوم ثم ترمى اللقمة إلى الحنجرة فيفتح لها لسان المزمار (اللهاة) باب المريء ويسد عليها باب القصبة الهوائية ثم تنزلق اللقمة إلى المعدة بواسطة المريء المتحرك حركات دودية، وفي المعدة تستمر عملية الهضم حيث يتحول الطعام إلى سائل تفتح له فتحة البواب في المعدة ويتجه إلى الإثنى عشر حيث تستمر عملية الهضم التي هي تحويل المادة الخام من الطعام إلى مادة مناسبة صالحة لتغذية خلايا الجسم، ثم منها إلى الأمعاء الدقيقة حيث تستكمل عمليات الهضم النهائية ويصبح الطعام بهذه الصورة صالحاً لأن يمتص بواسطة الخملات الموجودة في الأمعاء ليجري مع تيار الدم. وذلك جهاز متكامل لدورة الدم الممتد في شرايين معقدة لو فردتها لزاد طولها على آلاف الكيلو مترات متصلة بمحطة ضخ مركزية تسمى القلب لا تكل ولا تمل في نقل الدماء خلال تلك الشرايين. 

وهناك جهاز آخر للتنفس، ورابع للأعصاب، وخامس لاستخراج الفضلات، وسادس وسابع وعاشر مما نزداد كل يوم معرفة بها وما نجهله فينا أكثر مما نعرفه. فمن خلق هذا الإنسان بهذا الإتقان إلا الله؟!

لذلك فإن أعظم خطيئة في الوجود أن تجعل لله نداً وهو خلقك.

انطلق بقلب متفتح وروح شفافة، وتأمل في بديع صنع الله تعالى هذا الهواء الذي تستنشقه ويتسرب إليك في كل مكان، بلا لون يكدر

الأبصار، ولو انقطع عنك دقائق معدودات لفارقت الحياة، إن هذا الماء الذي تشربه، وذلك الطعام الذي تأكله، وهذا الإنسان الذي تحبه، وهذه الأرض التي تمشي عليها، وتلك السماء التي تنظر إليها، كل ما تراه عينك وما لا تراه من المخلوقات مما كبر أو صغر، كل ذلك من خلق الله الخلاق العليم. 

إن التفكر في مخلوقات الله تعرفنا بعظمة الله وقدرته، وإن من أعظم الناس حمقاً وجهلاً وضلالاً من يرى هذا الخلق البديع العظيم المتناسق المتقن، الدال على الحكمة الباهرة والقدرة المطلقة، ثم لا يؤمن بالخالق الذي أوجدها من العدم. قال الله تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ*أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ)[الطور:35 ،36] .

إن الله سبحانه وتعالى تعرفه الفطر السليمة دون حاجة إلى تعليم، فقد أوجد في تكوينها التوجه والالتجاء إليه ولكنها تُضَلَّل وتبعد عنه سبحانه.

ولهذا فإذا أصابتها كارثة أو جائحة أو مأزق شديد وكربات وواجهت الخطر المحدق في البر أو البحر لجأت مباشرة إلى الله تستمد منه العون والخلاص مما هي فيه، والله سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

هذا الخالق العظيم أكبر من كل شيء، بل لا يقاس شيء من خلقه به، فهو العظيم الذي لا حد لعظمته ولا يحيط به أحد علماً. الموصوف بصفة العلو على خلقه فوق سماواته. (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[الشورى:11] لا يشبهه شيء من خلقه وما خطر ببالك فالله ليس كذلك.

يرانا سبحانه من فوق سماواته ونحن لا نراه: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الأنعام:103]، بل لا تتحمل حواسنا وقوانا أن نراه في هذه الدنيا.

لقد طلب ذلك أحد أنبياء الله وهو موسى عليه السلام، لمّا كلمه الله عند جبل الطور: فقال رب أرني أنظر إليك فقال له الله تعالى: (لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)[الأعراف:143]، فالجبل العظيم الشامخ إنهار وتصدع من تجلي الله له فكيف يستطيع الإنسان ذلك بقواه الضعيفة الهزيلة.

ومن صفات الله سبحانه وتعالى أنه على كل شيء قدير (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْض)[فاطر:44].

بيده الحياة والموت. يحتاج إليه كل مخلوق، وهو غني عن كل مخلوق قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[فاطر:15].

ومن صفاته سبحانه العلم المحيط بكل شيء: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[الأنعام:59]، يعلم ما تتكلم به ألسنتنا وتعمله جوارحنا بل وما تكنه صدورنا: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر:19] .

فالله سبحانه مُطّلع علينا خبير بأحوالنا لا يخفى عليه شيء في

الأرض ولا في السماء لا يغفل ولا ينسى ولا ينام. قال تعالى: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة:255] .

له صفات الكمال المطلق الذي لا نقص فيه ولا عيب.

له الأسماء الحسنى والصفات العلى. قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأعراف:180].

والله سبحانه لا شريك له في ملكه ولا ند ولا ظهير. 

منزه سبحانه عن الزوجة وعن الولد بل هو الغني عن ذلك كله قال الله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص:1-4]. قال الله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) [مريم:88-93]. 

وهو سبحانه المتصف بصفات الجلال والجمال والقوة والعظمة والكبرياء والملك والجبروت. 

وهو أيضاً المتصف بصفات الكرم والمغفرة والرحمة والإحسان فهو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء. 

والرحيم الذي سبقت رحمته غضبه.

والكريم الذي لا حد لكرمه ولا تنفذ خزائنه.

وأسماؤه كلها حسنى تدل على صفات الكمال المطلق الذي لا ينبغي إلا لله.

والتعرف على صفاته سبحانه يزيد القلب محبة وإجلالاً، وخشية وخضوعاً لله.

ولهذا فإن معنى لا إله إلا الله أن لا يصرف شيء من العبودية إلا لله فلا معبود بحق إلا الله فالله هو المتصف بصفات الألوهية والكمال وهو الخالق الرازق المنعم المحيي المميت المتفضل على خلقه فهو وحده المستحق للعبادة لا شريك له.

ومن رفض عبادة الله أو عبد غير الله، فقد أشرك وكفر .

فلا يكون السجود والركوع والخضوع والصلاة إلا لله.

ولا يستغاث إلا بالله ولا يتوجه بالدعاء إلا إلى الله، ولا تطلب الحاجات إلا من الله، ولا يتقرب بأي قربة وطاعة وعبادة إلا لله: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162،163].

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *